Featured Post

The white-Left Part 1: The two meanings of white

Monday, May 13, 2013

كاونتربانش : الخطأ الكبير في سوريا


Originally Published as Counterpunch: So Wrong on Syria 4 April 2013 | Translated by Basel Watfa 

ثمّة اتّجاه عام لدى اليسار، وربّما هو الاتّجاه المسيطر، يصوّر السياسات العالمية على أنها وبجانب كبير منها، نزاع بين معسكرين يمثّلان بصور متفاوتة، صراع طبقتي البورجوازية والبرويليتاريا من أجل السيطرة على العالم الحديث. هذان المعسكران هما : معسكر امبريالي، تقوده الولايات المتحدة مع بريطانيا ودول الاتحاد الأوروبي ،ومن سماته ، أنّه مؤسس على خلفية منظّمة عسكرياً عبر حلف الناتو.والمعسكر المضاد للامبريالية، يقوده الاتحاد السوفياتي السابق والصين، ويتضمن عدداً من الدول الاشتراكية أو "الاشتراكية سابقاً" إضافة إلى عدد من الدول التي يحمكها دكتاتوريّون وهذه الأخيرة وجدت أنّه من المفيد لها – لأهداف محليّة ودولية أيضاً - أن تُحاكي الاشتراكية ( كما فعل هتلر بنظامه" الاشتراكية القومية") وتزعم معارضتها للمعسكر الإمبريالي.
معمر القذافي في ليبيا وبشار الأسد في سوريا ، مثالان بارزان عن التصنيف الأخير، كانا نظامين حظيا بالتقدير من قبل هذا الاتّجاه في اليسار.
حسناً، ماذا فعل اليساريون حينما انتفضت الجماهير في هذين البلدين متأثرين بالاحتجاجات الشعبية التي هزت الإقليم بأكمله في ديسمبر 2010، مطالبين بوضع نهاية للنظامين الديكتاتوريين المتشابهين والذين حكما لأكثر من أربعين عاماً؟
لقد ساندوا الديكتاتوريين الفاشيين دون الجماهير..!
بسبب خضوع سوريا وليبيا للحكم الديكتاتوري الفاشستي، كانت ردّة الفعل على الاحتجاجات السلمية هي الاستخدام المباشر للقوة العسكرية.لم يكن هناك أي شكل من أنواع القوة الناعمة التي تستخدمها قوى الشرطة دون الجيش كما حدث في مصر وتونس، حيث تمّ اسقاط النظام دون أي تدخّل للجيش مطلقاً في مواجهة الناس، هناك حيث تمّ اسقاط النظام وبقيت مؤسسة الجيش على حالها. حدث ذلك جزئيّاً، لأن قوى غربية بعينها تمتلك مواقع تأثير في هذين البلدين شجّعت الجيش على الانسحاب. لقد رأوا في ذلك الطريقة الأمثل للمحافظة على مكانتهم بعيداً عمّا قد يسئ لها ، وأعتقد أن التاريخ سيثبت صحّة خيارهم هذا. الثورة في ليبيا ثورة حقيقية، كاملة وأكثر تقدّماً من التغيير الذي حصل في تونس ومصر، وسوريا ستتقدم عليهم جميعاً في وقت قريب.
لأن الأسد والقذافي دكتاتوريان فاشيان، فقد بنيا جيوشاً مجهزة بعتاد كبير من السلاح مع استعدادهم لاستخدامها في مواجهة شعوبهم أو على الأقل، رغبا في ذلك. ولأنهما مدعومان من قبل دكتاتور فاشستي بارز هو بوتين روسيا، فقد حصلا على الدعم لقمع الحركات الشعبية في أكثر أشكاله عنفاً.
لحسن الحظ، فإن الناس في كلا البلدين قد ارتقوا إلى مستوى المهمّة التاريخية ، وقابلوا القمع المسلّح بالمقاومة المسلّحة..لقد ردّوا بالمثل..!
في ليبيا، تمّ اسقاط الدكتاتور وجيشه، وتوجّب إعادة بناء الدولة بدءاً من الصّفر. هم الآن أحرار في أن يفعلوا هذا، لقد شكّل الناس سريعاً صحافة حرة، أحزاباً سياسية، وعقدوا الانتخابات والتي لا تقلّ حرّية ونزاهة عن أي مكان في العالم. تمّ استعادة صناعة النفط سريعاً وتدنّى مستوى العنف. معدّل الجريمة في ليبياكان في العام الماضي نصف ما هو عليه في شيكاغو، وعُشر ما هو عليه في فنزويلا. طائرات الناتو منذ فترة طويلة عادت إلى قواعدها ولم يكن بالإمكان نشر قوات برية على الأرض. على الرغم من ذلك، العديد من اليساريين، كالذين يكتبون لصالح كاونتر بانش، لا يزالون في نسق القائلين " ليبيا، تماماً كما العراق". مستمرون في معاداتهم للثورة الليبية، ويرفضون التّعلم من الثورة الليبية.
حين يأتي الموضوع إلى سوريا، يُصيبهم العمى عن القضايا الماثلة أمام أعينهم. إذ يرون الأسد ضحيّةً لمؤامرة إمبريالية ، تماماً كما هو الحال مع القذافي أو صدّام حسين في العراق، الديكتاتور الفاشي والذي كان –في الواقع- ضحية لمؤامرة إمبريالية ولم يسقط بسبب احتجاجات شعبية.
في مجافاة للواقع، تماثل من يعتقد أن القنابل الذّرية لا تنفجر، وأن الهبوط على سطح القمر لم يحدث مطلقاً، يرى هؤلاء أن الثورة السورية هي "حرب أوباما" و يضعون اللوم عليه –وليس على الأسد- في جريمة قتل 70.000 من السوريين. هذا الموقف يقودهم إلى ممارسة التشويش على مأساة السوريين، ومحاولة لتشويه كفاحهم البطولي في سبيل إسقاط الطبقة الحاكمة.

دراسة : إهانة "كاونتربانش" للثورة السورية

في المقال الذي نشرته كاونتربانش في طبعة نهاية الأسبوع للكاتب شاموس كووك بعنوان :"كيف اختار أوباما الحرب على حساب السلام في سوريا" ، تعرية ممتازة لهذا المنهج. في الغالب،و كما تعلمنا منذ زمن طويل، الفوضى (سوء التنظيم) أسهل كثيراً من التنظيم، لذلك أرجو أن تتحلّوا بالصبر، بينما أقوم بتشريح بعض المقاطع من هذا المقال ولأبيّن لكم كيف أن التوجهات الواردة فيه ، مخطئة بصورة مؤسفة للغاية.
" أوباما لن يقدّم خطاباً حول السلام. كان قد اختار الحرب منذ البداية المبكرة وهو ملتزم بذلك. في مقال صدر مؤخراً للنيويورك تايمز، كشف عن أن أوباما كان يمارس الكذب الصريح حول درجة تورّط الولايات المتحدة في الصراع السوري منذ البداية "
قد يقول البعض أن الرئيس بشار الأسد فضل خيار الحرب على السلام في 25 إبريل للعام 2011 حين أصدر أوامره ل 6000 جندي منتشرون في درعا بفتح النار على المتظاهرين العزّل ليقتلوا حوالي 200 مواطن مدني، ولينشق عن الجيش 81 جنديّا في الأيام العشرة التالية، ولكن هذا ليس رأي جمهور "كاونتربانش" ، الذي يقول إن كل جرائم الأسد مغفورة تحت عنوان محاربة الإمبريالية.
بالحديث عن أوباما الذي "مارس الكذب الصريح" ، أورد جزءاً من المقال الأخير في النيويورك تايمز و الذي استشهدت به كاونتربنش :
" بمساعدة السي.آي .إي (المخابرات المركزية الأمريكية) ، رفعت كل من تركيا والحكومات العربية درجة دعمها العسكري لمقاتلي المعارضة السورية في الأشهر الأخيرة، موسّعة بذلك مجال النقل الجوي السّري للأسلحة والمعدات لدعم الاحتجاجات المناهضة لحكم الرئيس بشار الأسد، وذلك بحسب بيانات حركة الملاحة الجويّة، ومقابلات مع مسؤولين رسميين في عدة بلدان، وقيادات بارزة في صفوف المتمردين."

لا شئ في هذا المقطع الآنف يتحدث عن تورط الولايات المتحدة في الصراع السوري منذ البداية،هو مقتطع بشكل يحرّف المقال الذي تمّت الإستعانة به. النقل الجوي ابتدأ في يناير 2012، بحسب مقال النيويورك تايمز نفسه، والذي يقول : أن الثورة السوريّة تدبّرت أمرها واستطاعت النجاة لمدة عشرة أشهر، حتى دون وجود الدعم العسكري الخارجي والهزيل أصلاً:
" ابتدأ النقل الجوي لدعم المتمردين السوريين في 3 يناير 2012، بعد أشهر من بداية حملة القمع الحكومية ذات القيادة العلوية في مواجهة المحتجين ضد الحكومة والتي تحولت إلى حملة عسكرية، ناقلتان من القوى الجوية الأميرية القطرية حطّت في مطار اسطنبول بحسب بيانات حركة الملاحة . كانتا مقدّمة الدّعم. "

كاونتربانش، تريدك دفعك للاعتقاد أن أوباما هو "اللاعب الذي يحرك خيوط المشهد كاملاً"، لكني أعتقد أن فؤاد عجمي قد
قارب الحقيقة أكثر في الرأي الذي كتبه في بلومبرغ 27 مارس -2013 :
" فيما يتعلق بمسألة التمرد السوري، الولايات المتحدة" لم تمارس القيادة حتى وراء الستار". إدراة أوباما قد ابتكرت دوراً جديداً للقوة العظمى .. بمعنى : نحن الآن نسيطر على عبور الأسلحة، ونوجّه تدفق الأسلحة إلى المتمردين. الأموال ليست أموالنا، هي أموال قطرية وسعودية وليبيّة. والمخاطر
هؤلاء اليساريون "الأمريكيون" مأخوذون وبغطرسة بالنظرة التي تتمحور حول مدى قوة بلدهم، تلك النظرة التي تفترض أن أي درجة من تدخّل الولايات المتحدة، تقتضي التأثير الحتمي للولايات المتحدة على طول الخط. الوضع الحقيقي مختلف كثيراً عن ذلك. إنّهم يزيّنون الإمبريالية بميزات لا تمتلكها في الحقيقة.
الحقيقة هي- مع وضع كل بلاغته جانباً- أن أوباما قد راهن على الأسد على مدى العامين الماضيين، والآن يبدو أن الأسد لن يتماشى مع هذا التصوّر، فإن أوباما يبحث عن التأثير في الطرف الأكثر احتمالاً للفوز، أيضاً، أوباما يريد ما تريده إسرائيل، الآن وقد انتهت الانتخابات، فهو على استعداد للسماح بأن يمتلك المتمردون السوريون بعض الأسلحة لكن ليس الصواريخ المضادة للطائرات.


إسرائيل تحب الأسد

اسرائيل أيضاً كانت قد راهنت على الأسد، على الرغم من أنهم"الإسرائيليون" أدانو نظامه ذات يوم. هذا الوصف هو ما ذُكرَ في الفيديو المعنون : اسرائيل - الداعم السرّي للدكتاتور السوري الأسد- الصهاينة يفضلون قاتلاً فاشيّاً ليحكم الناس – والذي نشرته على يوتيوب مجموعة : أرشيفات سوريا 2012.
" نُشرت في 1 مارس 2012 : بشار الأسد الديكتاتور الفاشيستي ، الذي حكمت عائلته طويلاً على حساب آلام شعبنا اثنين وأربعين عاماً، لديه صديق سرّي في تل أبيب. نعم، بعض أبرز صنّاع السياسة في إسرائيل قد وازنوا بين الايجابيات والسلبيات المتعلقة بالاحتفاظ بالأسد الديكتاتور وكانوا قد قرّروا أن " الشيطان الذي تعرفه، أفضل من الشيطان الذي لا تعرفه" وكذلك فقد دفعوا باتجاه كبح النداءات التي يطلقها الأمريكيون لتنحي الأسد الديكتاتور. يعلم الإسرائيليون أن الأسد عدوّ معتدل للصهيونية، ولم يطلق رصاصة واحدة اتّجاه إسرائيل لأكثر من اربعين عاماً، وأبقى حدوده هادئة وآمنة مع إسرائيل لعقود. حتى أن الاسرائيليين قاموا بتفجير المفاعل النووي المشتبه به في شمال سوريا، وقاموا بالتحليق بطيرانهم الحربي فوق قصر بشار الصيفي في اللاذقية، إلّا أن الديكتاتور أخفى ذلك ولم يبدِ أيّة ردّ فعل على هذا العدوان. لن يُقدم الأسد مطلقاً على اتّخاذ أية خطوات فعّالة لاستعادة مرتفعات الجولان ،ويعلم الإسرائيليون أيضاً أن عداء الأسد للصهيونية هو مجرّد سياسات محضة وهو يستخدم إسرائيل كفزّاعة لتبريرالاستمرار بالمنهج المنافي للديمقراطية في بلده و لدوام الحكم البوليسي الفاسد المسيطر بإحكام على سوريا. "

نشرت أيضاً هآرتز وفي نفس السياق سطوراً للكاتب سلمان مصالحة :
" 29 مارس – 2011 : كلا الأسدين ،الكبير والصغير دعيا للمقاومة ضد إسرائيل، هذا الشعار كان شعاراً أجوفاً، مجرد خادم للنظام كسياسة تحصين له، ضد أي مطالب بالحرية والدميقراطية. بقدر ما يبدو ذلك غريباً، فإن كل فرد في إسرائيل يحب الديكتاتوريين العرب. وعندما أقول كل فرد فأنا أعني اليهود والعرب. الديكتاتور المفضّل فيهم هو الرئيس الأسد. وحيث أن الأسد الصغير قد ورث النظام القمعي في سوريا.انتقلت عواطفهم (اليهود والعرب) نحو الحكم الديكتاتوري في دمشق من الأسد الأب إلى إبنه... مقال هآرتز
 
أوباما لا يريد تغيير النّظام في سوريا

لم يرمِ أوباما من وراء دعم الثورة السورية إلى تغيير النظام السوري ، لذلك فإن بإمكان كاونتربانش القول :
" ثوّار أوباما – بعد عامين- لا يزالون في موقع ضعيف من أجل المساومة على السلام الذي تفضله الولايات المتحدة الأمريكية، بغض النظر عن أطنان الأسلحة التي غمرت بها سوريا."
لم يتسلّم الثوار أية أسلحة ثقيلة إلى أن بدؤوا بالحصول عليها بأنفسهم وبصورة رئيسية من قواعد الأسد العسكرية، حتى هذا التاريخ، هذه هي الطريقة الوحيدة التي مكنّتهم من امتلاك صواريخ مضادة للطائرات، وذلك بفضل سياسة أوباما ( لا أسلحة محمولة مضادة للطائرات)..!
بحسب مقال النيويورك تايمز الذي استشهدت به كاونتربانش ، فإنه فقط في الأشهر الثلاثة الأخيرة، بدء الثوار بتسلّم شحنات ضخمة من الأسلحة الثقيلة لكن دون الأسلحة المضادة للطيران المطلوبة بشدّة لتحييد ورقة الأسد المهمة وشريانه الحيوي أي" القوى الجوية السورية". هجوم الثوار على حلب كان قد توقف عدة مرات، ببساطة لأنهم افتقدوا الذخيرة اللازمة للبنادق الصغيرة.

إن من يعتقد أن القوة الامبريالية العظمى، مصممة على تغيير النظام وتدعم حربها ضدّه بالوكالة هو أحمق..! 

كلّا، استراتيجية أوباما هي الاستفادة من الاحتجاجات الشعبية في سوريا لإضعاف نظام الأسد، ولإجبار الأسد على تقديم تنازلات مهمّة تكون أكيدة.ولكن أيضاً حماية أجهزة نظام الأسد حتى وإن لمّحت مؤخّراً أنّ على الأسد أن يرحل .
في حين تستطيع كاونترربانش الحديث عن " أطنان الأسلحة التي غمرت بها الولايات المتحدة سوريا"، فإن الحقيقة تقول أن : ما تفعله مخابرات أوباما في تركيا والأردن، هي محاولة تنظيم ممرات إمداد الأسلحة القادمة للمقاتلين السوريين من قطر ،ليبيا، والعربية السعودية وبما أن الولايات المتحدة لا تساهم بنفسها في تدفق الأسلحة هذا، فهي تشرف عليه وتقوم فقط بعملية " فَلترة" لأنواع الأسلحة التي يسمح بمرورها وتوقيت ذلك أيضاً.
نعود مرة أخرى لمقال النيويورك تايمز الذي استشهدت به كاونتربانش :
" الحكومة الأمريكية أصبحت متورطة، بحسب السياسي الأمريكي السابق والذي قال : إن ذلك حصل بصورة جزئية لأن ثمة إحساس أن الدول الأخرى ستقوم بتزويد المقاتلين بالاسلحة على أية حال. دور المخابرات المركزية الأمريكية هو في تسهيل هذه الشحنات بحسب قوله، وقد منحها هذا الدّور درجة من التأثير على هذه العملية بما يتضمن إبعاد الأسلحة عن المجموعات الإسلامية وإقناع المتبرعين بذلك، وأيضاً منع الصواريخ المحمولة المضادة للطائرات خوفاً من أن يتم استخدامها مستقبلاً في هجمات إرهابية ضد الطائرات المدنية. مسؤولون أمريكيون كانوا قد أكدوا، أن مسؤولين رفيعي المستوى في البيت الأبيض قد اطّلعوا وبشكل منتظم على شحنات الأسلحة : تلك الدول كانت ستفعل ذلك بطريقة أو أخرى، أضاف المسؤول الأمريكي : هم لا يسألوننا : هل بإمكاننا أن نفعل؟  لكنّهم سيقدّرون مساهمتنا في حال استطعنا مساعدتهم في مناحٍ معيّنة.

ما وراء سياسة " لا للصواريخ المحمولة المضادة للطائرات

لم يبدِ الامبرياليون الأمريكيون قلقاً من احتمال وقوع الصواريخ المحمولة المضادة للطائرات في أيدي المتطرفين حين صمّموا على تغيير النّظام في أفغانستان عام 1981 كذلك لم يكونوا شديدي القلق من امتلاك صدام حسين لأسلحة الدمار الشامل عندما كانوا داعمين له في بناء مصانع الأسلحة الكيميائية لإضعاف إيران عام 1980.
لم يرفض أوباما امتلاك الثوار للأسلحة الفعالة المضادة للطائرات والتي بإمكانها حماية آلاف البشر لأنه خائف من أن تقع بأيدي الإسلاميين. إذا كان الأمر كذلك فعليه الاستعانة بي لأجمعه مع العلماء المختصين بالصواريخ، الذين بإمكانهم تشغيل تلك الصواريخ بنظام رقمي آمن له تاريخ صلاحية غير قابل للعكس، يضمن ذلك أن تعمل تلك الصواريخ مدة 6 أشهر أو سنة. قد يكون بإمكانهم الاستمرار في استخدامها لغرض الاختراق أو التشظي لكنها لن تتمكن إطلاقاً من إسقاط الطائرات. هناك مليون طريقة لتأمين تلك الأسلحة في الوقت الحالي. لم يكن ذلك ممكنا في الثمانينات لكنها في الوقت الحالي أكيدة تماماً.
قبل عشر سنوات خلت، استحسن اتحاد العلماء الأمريكيين، خطة العمل "جي 8" (منع انتشار الأسلحة المحمولة المضادة للطائرات). في يونيو 2003. والتي تقتضي " اكتشاف مدى إمكانية منع الاستخدام غير المرخص لتلك الأسلحة، وذلك من خلال تطوير ميزات للتحكم وإجراء تغييرات أخرى في التصميم." لذلك فإن السيد أوباما يحتاج تقريراً عن مدى التقدّم في هذا المضمار..!
يرفض أوباما تسليح الثوار بمضادات الطائرات المحمولة والفعالة، لعلمه بأنه طالما بقي الأسد مطلق اليد في استخدام قوته الجوية ليدمّر أحياءً بأكملها إذ أنّه لا يتمكّن من السيطرة على الأرض، فبإمكانه التأكد أنه لا توجد مناطق محررة آمنة، وأن بإمكان الثوار فعل القليل فقط لتحقيق الحياة الطبيعية والأمن ل 60 بالمئة من الأراضي السورية التي يسيطيرون عليها. وطالما احتفظ الأسد بالتفوق الجوي فلن يكون بإمكان الثوار الفوز.
يرفض أوباما تسليح الثوار بمضادات الطائرات المحمولة الفعالة بحيث أن لا يخسر الأسد. مرة جديدة مع مقال النيويورك تايمز الذي استشهدت به كاونتربانش :
"اشتكى بعض الثوار وقالوا إنهم قد سمعوا ممن يزوّدهم بالأسلحة أن إدارة أوباما تقيّد تزويدهم بالأسلحة، وأنها تمنع انتشار مضادات الطيران،والأسلحة المضادة للدروع وهي ما يبحثون عنه غالباً. هذه الشكاوى مستمرة. تسليح أو لا تسليح، أسلحة فتاكة أو غير فتّاكة كل ذلك يعتمد على ما يقوله الأمريكيون. هذا ما قاله محمد أبو أحمد والذي يقود فرقة عسكرية تحارب قوّات النّظام في محافظة إدلب."

ما أراه، أن استراتيجية أوباما الحقيقية هي تنظيم إمداد الأسلحة لضمان امتلاك المقاومة أسلحة تحميها من الخسارة ولكنها في نفس الوقت غير كافية لتحقق لها النصر. هذه لعبة إمبريالية قديمة جدّا ومثيرة للسخرية. وفي حين أني أضع اللوم على الأسد في المقام الأول بسبب إراقة دماء السوريين، كنت لأصفّق لكاونتربانش لو أنّها اتّهمت أوباما بنصيب في إراقة الدّماء هذه نتيجة لسياسته الجبانة ..! بدلاً من ذلك، فإنهم يعتقدون أن أوباما يقف خلف الصراع الجاري لتغيير النظام، وبوضوح كبير يبررون للأسد مهاجمة المدنيين في سبيل الدفاع عن دولته. وعلى هذا المنوال يلقون اللوم على أوباما في إراقة الدماء في سوريا.
كاونتربانش :
" خط إمداد الأسلحة من الاتجار غير القانوني تُشرف عليه الولايات المتحدة منذ يناير 2012. هو ما تشكل حرفيّا شريان الحياة للثوار السوريين وبناء على هذا، فهو السبب وراء إراقة الدم المرعبة في سوريا."
بعبارة أخرى، لا تلقي كاونتربانش بالمسؤولية على الأسد بسبب قتل 70.000 سوري ولا على من يمدّه بالقنابل العنقودية وصواريخ سكود وما يسببه من قتل، بل على الولايات المتحدة أو أي طرف يعتقدون أنه يدعم المقاومة لنظام الأسد.

روسيا وإيران تدعمان صمود الأسد

هنا، نظام الأسد هو من يتلقى الدعم وليست الثورة السورية. دون الرحلات الجوية النظامية التي تحمل المال والسلاح من كل من روسيا وإيران، كان للنظام أن ينتهي منذ سنة. المعارضون للتدخل لن يقولوا لك هذا. قد تزعم كاونتربانش أن : "الأسد لا يزال يتمتع بقاعدة من الدعم الشعبي" ، ولكن بالرغم من هذا نجد في صحيفة التيليغراف دليلاً على ما تقدمه روسيا وإيران من دعم للأسد :
" حلقت في عدّة رحلات سريّة حاملاً المال والسلاح إلى سوريا من أجل الأسد. يقول طيّار سوريّ طيار سابق في الشحن العسكري الجوي، كشف عن قيامه بعدة مهمّات سرية لصالح نظام بشار الأسد لحمل المال والسلاح إلى داخل البلاد رغم وجود العقوبات الدولية.!
مقال بقلم : نيجل ويلسون – عمان 24 – مارس – 2013
 الطيار الذي طلب أن يعرف عن نفسه باسم : ناظم فقط.، كشف كيف أنّه و زملاء آخرين قد حلّقوافي رحلات بطائرات شحن مرتين أو ثلاثة في الشهر لجمع أوراق البنكنوت من روسيا والتي شملت أرقاماً كبيرة من اليورو والدولار المطلوبة لدعم نظام الأسد. لقد روى أيضاً عن حوالي 20 مهمّة إلى طهران، حلق بنفسه في اثنتين منها، للحصول على أسلحة إيرانية ومتفجرات لاستعمالها من قبل النظام لتحطيم التمرد الذي بدأ منذ عامين. ناظم ذو الخمسين عاماً، أدلى بحديثه إلى" سن داي تلغراف" من منطقة حدودية في الأردن حيث نزح مع عائلته في سبتمبر الماضي.لقد قرر أن يترك سوريا التي كان فيها يوماً مؤيداً للنظام، عقب اعتقاله وزملاء له من قبل النظام على خلفية تحطّم طائرة اعتبره النظام مثيراً للشكوك.. تتمة المقال
أنتج الصراع في سوريا المئات من الشهادات،الفيديوهات، الصور، والتقارير أكثر من أي صراع في التاريخ، بإمكان أي فرد في العالم أي يعرف الحقيقة. هذه مجرّد حكاية أخرى.
الجميع يلوّح ب ( الحرب على الإرهاب الإسلامي) في سوريا.

تمضي كاونتر بانش إلى تعريف المعارضة مستخدمة مصطلحات الأسد :
" القوة المقاتلة الفاعلة والوحيدة في الثوار السوريين، كانت هي التجمع الإسلامي – جبهة النصرة- واليوم نعلم تماماً من أين يحصلون على سلاحهم.
هذا رأي هزيل بما يتعلق بالجيش السوري الحرّ، الذي تشكّل أساساً من العسكر السوري المنشق والناشطين السوريين، قبل أكثر من ستة أشهر من وجود جبهة النصرة.لو لم يكن الجيش السوري الحر قوّة مقاتلة فاعلة - كما تريد كاونتربانش أن نعتقد- لكان بإمكان النظام أن ينهي التّمرد حتماً منذ وقت طويل وقبل أن تجد جبهة النصرة وقتاً لتتشكل وتعلن عن نفسها.
في حين تصف جبهة النصرة نفسها كتنظيم إسلامي جهادي، فهي تستنكر وصفها بالمنظمة الإرهابية، موضّحة أنها لم تقم بأية عمليات في البلدان الأخرى، لم تستهدف المدنيين ونفّذت هجمات انتحارية فقط ضدّ نظام الأسد.
ولكننا نعلم أن مصطلح "إرهابي" هو مصطلح مطّاط، وتهمة مقولبة سياسياً. على سبيل المثال، أثناء حرب فيتنام، اعتبرت الولايات المتحدة- على الرغم من أننّا نحن من قتل هناك أكثر من ثلاثة ملايين من المدنيين باستخدام القنابل غالباً - أنّ جبهة التحرير الوطنية الفيتنامية منظّمة إرهابية، و ليس الولايات المتحدة ..!!
في حالة سوريا، الرئيس أوباما، الرئيس بشار الأسد وكاونتربانش متفقون على تسمية المقاتلين الإسلاميين ضد نظام الأسد بالإرهابيين، لكنّهم لا يسمون نظام الأسد بنفس المُسمى، على الرغم من أنّه المسؤول عن النصيب الأكبر في هذه المذبحة .
وضع جبهة النصرة على قائمة الإرهاب السوداء في الوقت الذي كانت فيه الجبهة واحدة من أكثر المجموعات فعالية –وليس أكثرها فعالية- والتي تقاتل الأسد، هو محاولة أخرى لتقويض القتال الهادف لإسقاط الأسد. ذكرت صحيفة الغارديان ما يلي :
" قالت وزارة الخارجية الأمريكية، أن جبهة النصرة لبلاد الشام، والتي تقوم بجزء من القتال الجاري على الأرض ضد الرئيس بشار الأسد، ما هي إلّا فرع لتنظيم القاعدة في العراق،وصنّفتها : منظمة إرهابية خارجية.وقد قالت إدارة أوباما أن تنظيم القاعدة في العراق، يزود جبهة النصرة بالمال، السلاح والقوى البشرية. إنه تنظيم متطرف ويجب عزله" بحسب قول المسؤول الأمريكي في اجتماع هاتفي مع الصحفيين. وقد قال إن الهدف هو كشف الدور الذي تلعبه جبهة النصرة وسط قلق من اتساع رقعة تأثيرها.

النصرة مجموعة جهادية، ووجهتهم السياسية قد تماثل توجهات القاعدة. لذلك تتم مقاومتها لنفس أسباب مقاومة القاعدة.لكن الحاجة لخلق مثيل للقاعدة يأتي دوماً في سياق متطلبات الدعاية الأمريكية. وحيث تم تصنيف القاعدة كمجموعة هاجمت الولايات المتحدة في 11 سبتمبر عام 2001 ، فإن كل المجموعات الجهادية وبغض النظر عن أصولها يجب تصنيفها كالقاعدة.في حين تهلّل كاونتربانش لتصنيف أوباما/ الأسد جبهة النصرة كتنظيم مماثل للقاعدة ومنظمة إرهابية، فإنّها تفشل في معالجة التناقض الذي وضعت نفسها فيه من حيث أنها سمّتها " حرب أوباما"..! النصرة وبحسب قولهم " أكثر المجموعات المقاتلة فعالية بين الثوار السوريين" إلّا أن أوباما يسعى لمنع حصولها على السلاح حين وضعها على القائمة السوداء. !

السلام من خلال انتصار الأسد.! 

في شطحة أخرى لكاونتربانش :
"لولا هذا التدفق من الأسلحة الذي ترعاه الولايات المتحدة ،لهُزم المتمردون السوريون – الكثير منهم من العربية السعودية وبلدان أخرى - عسكرياً منذ وقت طويل. عشرات الآلاف من الأرواح كان بالإمكان حمايتها وبقي ما يقارب من المليون لاجئ في بيوتهم "
تقرّ كاونتربانش، أن الأسد سيحافظ على حياة السوريين عندما تعود السلطة كاملة إليه. في مقال له في الأتلنتيك 3 إبريل -2013، يعطينا لورين وولف لمحة عمّا ستكون عليه الحال حين يستعيد النظام السيطرة ،النظام الذي يريد له جمهور كاونتربانش أن ينتصر:
" في يوم من خريف 2012، جلب جنود من الحكومة السورية خطيبة أحد شبّان الجيش السوري الحرّ، شقيقاته، أمّه وجارتهم إلى معتقل سوري حيث كان معتقلاً، تم اغتصابهنّ واحدة واحدة أمام عينيه. كما قال. "

نعم، مئات ، وربما آلاف من المقاتلين الأجانب جاؤوا إلى سوريا، ليقاتلوا ضد الديكتاتورية حتى أن بعضهم من الولايات المتحدة، لكن النسبة الغالبة هي من المقاتلين من سوريا، بل من الجيش السوري. في 2 من إبريل، وفي مقال نُشر في صحيفة السياسة الخارجية بعنوان " يشكل الأجانب نسبة ضئيلة في المعارضة السورية". استشهد جون هادسن بدراسة صدرت مؤخراً والتي وصلت إلى استنتاج مفاده : أن نسبة الأجانب بين صفوف المقاتلين هي أقلّ من 10%. لا تشعر كاونتربانش بالإرتياح أمام هذه الحقيقة التي تقول : أن الولايات المتحدة لا ترعى تدفق الأسلحة للثوار السوريين. معظم الأسلحة المستخدمة ضد نظام الأسد قد تم الاستيلاء عليها من نظام الأسد نفسه كما هي الحال في الثورات عموماً.
تتجاهل كاونتربانش الحقيقة القائلة أن السوريين قد أنهكوا بسبب تهجيرهم من بيوتهم، وتعرضّهم للتعذيب لدى أدنى شبهة. نعود ثانية إلى ناظم- طيار الشحن المنشق عن الأسد- ليضيف المزيد عن أهوال الدولة البوليسية في سوريا:
يروي ناظم، مسلم سني، كيف تمّ اعتقاله وزملاؤه وسجنهم في غرفة صغيرة، تقاس بطول سبعة أقدام ونصف وعرض أربعة أقدام، بعد تحطّم طيارة الشحن في الهبوط، والذي تسبب بمقتل الطيار الذي ينتمي للطائفة العلوية والتي تنتمي إليها عائلة الأسد.
" لقد أخذوني من العمل ووضعوني في السجن لمدة ستين يوماً، كنا اثنا عشر فرداً. وأضاف : كان يوجد بيننا طيارون، مدنيون، وبعض من ضباط سلاح المدفعيةً. كان يتم استجوابه بشكل شبه يومي حول تحطم الطائرة حتى منتصف سبتمبر، وبدون إبداء الأسباب تمّ إطلاق سراحه فجأة. يقول ناظم : " قررت مغادرة سوريا بعد خروجي من السجن، لأني عندما ذهبت إلى البيت كان قد تمّ حرقه كاملاً. لقد كنت في الجيش، أعمل لأجل الحكومة، ورغم ذلك أحرقوه. "

لقد أنهك الناس من حكم عائلة الأسد القائم منذ 42 عاماً ، وثاروا ضدّهم متأثرين بموجة الثورات العربية التي ابتدأت في ديسمبر 2010. كاونتربانش، لا تنمحهم أحقية الحصول على الحكم المستقل، تماماً كما أنها لا تضع اللوم على الأسد في أي من المذابح التي حصلت. نستنتج حين قراءة كاونتربانش أن أولئك الذين حملوا السلاح في وجه النظام عقب رده على المظاهرات السلمية بإطلاق النار، وأولئك الذين يدعمون المقاومة المسلحة هم المسؤولون عن كل هذا البؤس والخراب.! من الواضح أن كاونتربانش ترى أنه من الخطأ حمل السلاح في وجه الأسد ولازالت تأمل بأن يُهزم الثوار عسكرياً وينتصر نظام الأسد.
في غياب أدلّة ملموسة وكأن تكرار العبارات يؤسس للحقائق ،تعزف كاونتربانش على نغمة نظام الأسد التي تردد دوماً أن كل مشاكله نابعة من مؤامرة أمريكية ضده. تحفل مقالتها بعبارات من مثل " مجلس أوباما الوطني للثورة السورية" ."شروط أوباما المسبقة من أجل السلام" . "ثوار أوباما". " توار أوباما المهمّون" إلخ... وغير مهمّ ثبات الثورة السورية على مطلبها بإنهاء نظام الأسد، لأن الثوار بحسب كاونتربانش هم مجرّد عناصر عديمة التأثير خارج إطار المشهد الأوبامي..! . ولإثبات ذلك تجنح كاونتربانش نحو التحريف والإفتراء:
" معاذ الخطيب القائد الأكثر شعبية في الإئتلاف الوطني السوري، قدم استقالته مؤخراً من المعارضة، لأنّه مُنع من المضي في مفاوضات السلام من قبل غسان هيتو،رئيس حكومة المعارضة الذي عيّنته الولايات المتحدة. هيتو سوري من أصل أمريكي أمضى ثلاثين عاماً في الولايات المتحدة."
إذاً، بحسب كاونتربانش، فقد استقال الخطيب لأنه يريد مفاوضات سلام ،في حين أن أوباما وثوّاره يريدون الحرب فقط.مُجدّداً، ما أراه مثيراً للشفقة، أن تضع كاونتربانش نفسها موضع اتهام بالكذب الصريح. لأبيّن لكم ما أعنيه، عليّ ان أورد نصّاً طويلاً من تقرير رويترز الصادر الأربعاء الماضي الذي يتضمن كلاماً على لسان الرجل نفسه :
" قال الخطيب نهار الأربعاء: رفض القوى الدولية تأمين صواريخ الباتريوت لدعم المناطق الواقعة تحت سيطرة الثوار في شمال سوريا، يرسل رسالة إلى الأسد مفادها أن "إفعل ما تريد". أضاف الخطيب - القائد الذي يحظى بالشعبية - أنه لن يسحب استقالته كقائد للتحالف الأوسع المعارض للأسد، لكنه مستمر في تأدية مهامه القيادية في الوقت الحالي. ذكر الناتو يوم الثلاثاء أنه لا نية لديه للتدخل عسكرياً في سوريا عقب طلب الخطيب من الولايات المتحدة استخدام الباتريوت لحماية المناطق الخاضعة لسيطرة الثوار من قوات الأسد الجوية.أضاف الخطيب في حديث لرويترز : ،فوجئت تمام يوم أمس ً بالتعليق الذي صدر عن البيت الأبيض والقائل بأنه لا إمكانية لزيادة نشر صواريخ الباتريوت لحماية السوريين. أخشى أن ذلك هو رسالة للنظام السوري تقول له : إفعل ما تريد. وبالسؤال عن استقالته يوم الأحد من رئاسة إئتلاف الثورة – والذي قال إنه حدث بصورة رئيسية على خلفية الشعور بالاحباط من تردد الغرب في زيادة دعم المعارضة. – قال : لقد قدمت استقالتي ولن أتراجع عنها، ولكن عليّ الاستمرار بأداء واجباتي إلى حين اجتماع اللجنة العامة للإئتلاف.."

إذاً، يقول الخطيب أنه استقال ( على الرغم من تمثيله للإئتلاف الوطني في القمة العربية) احتجاجاً على نقص الدعم العسكري من أوباما والناتو، وليس كما ذكرت كاونتربانش لأنهم يدفعون باتجاه الحرب بينما هو رجل سلام.!
بالنظر إلى أن: الولايات المتحدة قد عينت رئيس حكومة المعارضة غسان هيتو، فإن حقيقة ما حدث أكثر دقّة وتعقيداً مما تستند عليه كانوتربانش كما ورد بحسب النيويورك تايمز:
" ذكر أحد أعضاء الإئتلاف أن العربية السعودية قد هددت بقطع المعونة المالية وتقسيم الإئتلاف إذا لم يتم اختيار رجلها المفضل أسعد مصطفى رئاسة حكومة الإئتلاف. أغضب هذا أعضاء الإئتلاف وسارعوا إلى اختيار السيد هيتو، المدعوم من قطر ومن الإخوان المسلمين"

هذا السيناريو أكثر تعقيداً مما توحي به تحليلات كاونتربانش.لا يمكن السماح بظهور خلافات سياسية بين إدارة أوباما وبيت آل سعود، عداك عن ظهور خلافات بين المعارضة السورية و أمريكا الإمبريالية. الدمى ليس بمقدورها إظهار استقلالية كهذه..! . تقول كاونترانش :
"بتعيين هيتو رئيساً للمعارضة، قام أوباما بتمزيق المعارضة، الممزقة أصلاً "
إذاً، ما يثير قلق كاونتربانش، أن أوباما قد عين رئيس المعارضة هيتو، بنفس المبدأ أو الصلاحية التي عين فيها جون كيري وزيراً لخارجية الولايات المتحدة، وليس للسوريين ما يقولونه في كلا الخيارين...! تحاول كاونتربانش أن ترسم صورة الوضع ولكن من خلال سرديات ضحلة لمجريات الأمور، يقتطع تشيري أيضاً بعض الجمل من الفيض الإعلامي مثلاً ثم يمارس الإفتراء بها. مثال بارز عن ذلك هو ما يلي:
" رفض أوباما نداءات كل من سوريا وروسيا من أجل مفاوضات السلام في الأشهر الأخيرة، ورفع من مستوى تدفق الأسلحة بشكل كبير. يقول تقرير رويترز عن ردة فعل إدارة أوباما على عروض السلام التي قدمتها روسيا وسوريا :
قوبل عرض وزير الخارجية السوري من أجل محادثات السلام بالرفض من قبل وزير الخارجية الأمريكية جون كيري الذي كان قد بدأ جولة تشمل 9 من العواصم الأوروبية والعربية في لندن( ليساعد في تأمين الدعم للثوار السوريين).
إذا وضعنا جانباً النتائج التي ساقتها كاونتربانش في مقالها حول سبب الجولة والمحادثات المذكورة، ,وأضفنا الجملة التي قالها كيري، سنحصل على صورة مختلفة عن سبب رفضه لمحادثات السلام مع الأسد:
" جون كيري الذي يبدأ جولة في تسع عواصم أوروبية وعربية من لندن، رد بالرفض على عرضه ( أي وزير الخارجية السوري) حول المحادثات وقال: يبدو لي أن من العسير فهم - حين ترى صورايخ السكود تسقط على الناس الأبرياء في حلب- كيف يمكن أن تأخذ كلامهم عن استعدادهم للحوار بجديّة"
تصريح كيري هنا لا يجسد أكثر من مطالب المعارضة السورية التي لا تريد التفاوض مع الأسد، وليس العكس. وإذا كانت كاونتربنش تنكر على اللإتئتلاف الوطني أي شكل من الحكم الذاتي، فلا يحق لها تناوله بهذه الصيغة.
الأسد وبوتين مستعدون للتحدث عن محادثات طالما أنها لا تتدخل في ذبح المدنيين وصورايخ السكود والقنابل العنقودية،لأن الإرهاب والذبح هما الوسيلتان المفضلتان المعتمدان من قبلهما. لا تطالب كاونتربانش بوقف تدفق الأسلحة أو الهجمات التي تضرب الأهداف المدنية، بل يطالبون بعدم أحقية المعارضة السورية بوضع شروط مسبقة قبل أن يأتوا إلى طاولة المفاوضات مع الأسد، بينما يستمر الأسد بضرب صورايخ السكود في الجوار.
وفيما يتعلق بعرض الخطيب المزعوم حول تسوية سياسية عبر مفاوضات سلام مع بشار الأسد، لم يكن ذلك أكثر من حيلة إعلامية حيكت لتُظهر الأسد بأنّه الرافض لمحادثات السلام، وهذا ما فعلته لأنها تضمنت شرطاً يعلم الخطيب أن الأسد لن يوافق عليه، الشرط الذي أهملت ذكره كاونتربانش. أوردت صحيفة الناشيونال :
" قال السيد الخطيب أنّه على استعداد لمقابلة مندوبين عن النظام السوري في القاهرة مع بعض المحاذير. أولاً، قال أنه يجب إطلاق سراح 160.000 معتقل بما يشمل أولئك المعتقلين من قبل فرع المخابرات الجوية المخيف. الشرط الثاني، أنه يجب تجديد جوازات السفر للسوريين المقيمين في الخارج. العديد من المعارضين السوريين المنفيين ، لا يتمتعون بوضع قانوني في سوريا. السيد الخطيب قال إن العرض هو مبادرة حسن نية للبحث عن حل سياسي للأزمة، وللتحضير لمرحلة انتقالية توقف المزيد من إراقة الدماء. كان رد فعل الأسد للخطة هو استسلام المعارضة غير المشروط حتى يبدأ المفاوضات

آمل من خلال ما قمت به من تشريح لهذه المقاطع وتفنيدها، أن أكون قد وضحت للقارئ جانباً من خيانة الأمانة العلمية، التي انحدر إليها اليساريون، ليدعموا موقفهم المفلس. هؤلاء يساريو الكاونتربانش يعارضون أي نوع من  التدخل لصالح الشعب السوري.بحسب المنطق المتّبع لديهم، فإن لأي طرف الحق التدخل لتقديم المطلوب للحكومة الشرعية في سوريا، تماماً كما تفعل فرنسا في مالي أو كما فعلت الولايات المتحدة في جنوب فيتنام.
تورد كاونتربانش تصريحاً للحكومة الروسية :
" موسكو متيقّنة تماماً بأن التسوية السياسية فقط وليس تشجيع السيناريوهات العسكرية المدمّرة، هي من يمكنها أن توقف إراقة الدماء وتحقق الأمن والسلام لكل السوريين في وطنهم"
لكنهم امتنعوا عن مجرّد ذكر أن روسيا قد اعترفت بتزويدها الأسلحة لنظام الأسد، حتى تهديدها الأخير بوضع جزمتها العسكرية على الأرض السورية من أجل الدفاع عن نظام الأسد.
 تفسح لنا كاونتربانش المجال لنعلم أنها ستضع المقاومة المسلحة موضع إتهام في حال استخدام السلاح الكيماوي :
إذا سيطر المتمردون السوريون على الأسلحة الكيماوية واستخدموها ضد الحكومة السورية كما يبدو الوضع-

في مقطعه الختامي، يعود شاموس كووك لتجاوز الرؤى اليسارية حين يتعلق الموضوع بالثورة السورية، الموضوع برمّته إعادة نمط حرب العراق مع بعض الاختلافات.
" عزم أوباما - المماثل لنهج بوش - على إسقاط الحكومة السورية، قد خيب أمله وساقه إلى نفس الدرب الذي سلكه سلفه على الرغم من أن أوباما يخوض "حرباً ذكيّة" . هو يوظّف مزيداً من وسائل الخداع ليصل إلى النتائج نفسها.تماماً بنفس الثّمن من المعاناة الإنسانية الهائلة. "
كاونتربانش تدعم نظاماً فاشستيّاً في صراعه ضد شعبه ورغم ذلك فهذا ما يتجاهله موقف اليسار المحترم، وهذا خطأ فادح ،لأن السوريين يعانون الأمرّين من تلك الديكتاتورية، ويخوضون صراعاً بطولياً من أجل إسقاطها، ويمكن أن يكونوا مثالاً يُحتذى للثورات التي تعاني وضعاً مشابهاً، حتى هنا.. في الولايات المتحدة الأمريكية.





Click here for a list of my other blogs on Syria

No comments:

Post a Comment